دنيا ودين



بسم الله الرحمن الرحيم
إن هـذا لفي الصحف الأولى , صحف إبراهيم وموسى
صدق الله العلي العظيم

الصحيفة الأولى :
يقول الله عز وجل : شهدت نفسي لنفسي , أن لا إله إلا أنا , وحدي ولا شريكا ً لي بملكي , وأن محمد عبدي ورسولي صليت عليه وسلمت , فمن لم يرضَ في قضائي , ولم يصبر على بلائي , ولم يقنع في عطائي , فليهرب من أرضي ومن تحت ســـمائي ويلتقي له رب ٌ سواي , فمن أصبح على الدنيا حزينا ً, وكأنما أصبح ساخطا ً عليَ , ومن شكا مصيبة نزلت به لغيري فقد شكاني , ومــن أحب غنيا ً لأجل غناه , أذهب الله ثلث دينه , ومن لطم وجهه على ميت , فكأنه أخذ رمحه وحارب به , ومن كسر عودا ًعلى ميــــت ِفكأنه هدم كعبتي , ومن لم يبالي من أين يأكل , لم أبالي من أي باب أدخله ناري , ومن لم يكن على زيادة في دينه فهو في نقصان , ومـن كان في نقصان ِ فالموت خير ٌ له , ومن عمل بما يعلم أورثه الله علم ما لم يعلم , ومن طال أمله ُ لم يخلص عمله ُ0


الصحيفة الثانية : يقول الله عز وجل : من قنع استغنى , ومن ترك الحسد سلم واستراح , ومن ترك الحرام يخلص له دينه ُ, ومن تـرك النميمة ظهرت محبته وتكاثرت حسناته , ومن أعتزل عن الناس سلم , ومن قلل الكلام كمل عقله , ومن قنع ورضي بالقليل من الرزق فقد خف حسابه .
يا ابن آدم : لا تعلم كيف تعمل , أفنيت عمرك في طلب الدنيا فمتى تطلب الآخرة , أعمل كالذي يموت غدا ً ولا تجمع كأنـك في الدنيا مخلدا ً, إن الله أوصى الدنيا أخدمي الزاهد فيك واستخدمي الحريص عليك 0


الصحيفة الثالثة : يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : لا تكن طالبا ً للتوبة وناسيا ً للأوقات , ولا ترغب في الدنيا وتترك الآخرة , وتقـول قول الصالحين وتعمل عمل المنافقين , إن أعطيت لا تقنع وإن بليت لم تصبر .
يا ابن آدم : من أصبح على الدنيا حزينا ً , لم يزدادُ من الله إلا بعدا ً, وفي الدنيا إلا كسدا ً , وفي الآخرة إلا جهدا ً .
يا ابن آدم : إذا رُزقت رزقا ً ألزم الله في قلبك , أملا ً لا ينقطع أبدا ًوشغلا ً لا تفرغ منه جدا ً, فكل يوم تغرب فيه شمسك ينقضي من عمرك , وأنت لا تدري وتوفى فيه رزقك , وأنت لا تحمد لا بقليل تقنع ولا بكثير تشــبع.
يا ابن آدم : ما من يوم إلا ويأتيك رزقا ً جديدا ً من عندي , وما من ليلة إلا ويأتيني من عندك. ملك ٌ كريم ٌ بعمل قبيح من أعمالك , تـأكل رزقي وتعصاني , وتدعوني فاستجيب لك . خيري إليك نازل وشرك إلي صاعد , فنعم المولى أنا وبئس العبد أنت , أنا استحي منك وأنـت لا تستحي مني , تنساني وتذكر غيري وتخاف الناس , وتأمن مكري وغضبي 0


الصحيفة الرابعة : يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : لا تطلب التوبة وتنسى الأوقات , ولا ترغب في الآخرة وتترك العمل الصـــالح , وتقول قول العابدين وتعمل عمل المنافقين , إن أعطيت لا تقنع وإن بليت لم تصبر , تأمر بالخير ولا تفعله وتنهي عن الشر ولم تنته عنــه وتحب الصالحين ولست أنت منهم , وتقول ما لم تفعل وتفعل ما لم تؤمر به , وتستوفي ولم توفي , فما من يوم جديد إلا تخاطبــك الأرض وتقول لك : الآن تمشي على ظهري وغدا ً يأكلك الدود في بطني ,
ويناديك القبر ويقول لك : يا ابن أدم , أنا بيت الوحدة أنا أنيس الوحشــة أنا بيت الغربة عمرني ولا تخربني 0


الصحيفة الخامسة :
يقول الله عز وجل : يا بني آدم : ما خلقتكم لأستكثر بكم من قلة , ولا لأستأنس بكم من وحشة , ولا لأستعين بــكم على أمر ِعجزت عنه , ولا لمنفعة ولا لدفع مصيبة , بل خلقتكم لتعبدوني كثيرا ُ وتشكروني طويلا ً وتسبحوني بكرة ً وأصيلا ً, فلو اجتمـع أولكم وآخركم وكبيركم وصغيركم , وأنسكم وجنكم وحيكم وميتكم , على طاعتي لم يزداد في ملكي مثقال ذرة , ولو اجتمعتم كذلك عــلى معصيتي , لم ينقص في ملكي مثقال ذرة , ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه وإني لغني عن العالمين , وأنتم الفقراء إلي وأنا الغني الحميــــد.
يا ابن آدم : كما تدين تدان وكما تزرع تحصد 0


الصحيفة السادسة : يقول الله عز وجل : يا عُباد الدراهم والدنانير , ما خلقتهم لكم إلا لتأكلوا منهم , وتكسوا أبدانكم , وتنفقوا على عيالكم وتحسنوا منها على الفقراء والمساكين , وتشكروا بها نعمائي , وتنجوا من حر ناري , وتجهدوا بها لطاعتي , وتكون طريقكم إلى جنتـــي فأخذتم الدنانير والدراهم , فاستغويتم بها على معصيتي , وتركتموها على أنوف رؤوسكم وعبدتموها , وجعلتم كتابي وراء ظهوركــــم وهجرتم المؤمنين وواليتم الكافرين , فإني بريءٌ مما كان على هذا الوصف , ياعبدة الدنانير والدراهم , إنما مثلكم مثل القبور المجصصــة ظاهرها مليح ٌ وباطنها قبيح ٌ , تخادعون الناس وتحلفون بألسنتكم الحلوة وأفعالكم القبيحة , وتقبلون علي في قلوبكم القاسية وأفعالكم الرديــة.
يا بني آدم : لا يكون أحكم كالمصباح فوق البيت ظاهره مليح ٌ وباطنه مظلم ٌ قبيح ٌ, كذلك لم يغني بالخير أفعالكم الردية .
يا ابن آدم : أخلص إلي عملك واسألني أعطيك أفضل ماسألني به السائلون , وأنا أرحم الراحمين0


الصحيفة السابعة :
يقول الله عز وجل : يابني آدم : اعلموا أني ما خلقتكم إلى الفساد , ولا أنا غافل عما تعملون , فإنكم لم تنالوا ما عندي إلا بالصبر على ما تكرهون , ففي طلب رضائي والصبر على طاعتي تخلصوا من عذاب الآخرة .
يا ابن آدم كم لكم من ضالا ً إلا وأهديته وكم لكم من فقير أغنيته , وكم لكم من مذنب ِغفرت له , فتوبوا إلى الله ولا تهتكوا أستاركم , إنه لا يخفى علي أسراركم 0


الصحيفة الثامنة : يقول الله عز وجل : يا بني آدم : لا تلعنوا المخلوقين بلا سبب , فإن اللعنة ترد ُ على قائلها ,
يا ابن آدم : إن السـماء والأرض استقامت بإسم واحد من أســمائي , أفلا يستقيم قلبك بالموعظة من كتابي .
يا بني آدم : اعلموا أنه كم لا تلين الحجرة بالمــاء كذلك لا تلين القلوب القاسية بالموعظة ,
يا ابن آدم : تشرب ُ ماء ً باردا ً عذبا ًولم تشكرني , وتأكل الطعام هنيئا ًولم تحمدني , وأنت غافل عن رحمتي , أفلا تخاف النيران ولا تفزع من غضب الرحمن.
يا بني آدم : تشهدون أنكم عبيد الله وتعصونه , وتزعمون أن الموت حـق وتكرهونه , وتقولون بألسنتكم ما ليس في قلوبكم , والله عليم بما تفعلون 0


الصحيفة التاسعة :
يقول الله عز وجل : يا أهل الكتاب : قد جاءكم من ربكم برهان ٌ وشفاء ٌ لما في الصدور , إذ لم تحسنوا إلا لمــن أحسن إليكم , ولا تواصلوا إلا من واصلكم , ولا تحبوا إلا من أحبكم , ولا تعطوا حاجة إلا لمن يعطيكم , ولا تكلموا إلا من يكلمــــكم ولا تكرموا إلا من يكرمكم , فليس لأحد ِمنكم على أحد ِ سبيل , وإنما السبيل للمؤمنين الذين آمنوا بالله ورسوله , يحسنوا لمن أساء إليهــم ويواصلوا من قاطعهم , ويعطوا من يبغضهم , ويكلموا من هجرهم , ويكرمون من هانهم , وإني بكم عليم خبير 0


الصحيفة العاشرة : يقول الله عز وجل : يا أيها الناس : إن الدنيا دارٌ لمن لا دار له , وبها يرغب من لا عقل له , وعليها يحرص مـن لا يقينا ً له , وبشهواتها يفرح من لا معرفة له , تحبون نعمة ً زائلة ً وحياة ًُ منقطعة ً وشهوة ً فانية ً , فمن كان في هذا فقد أظلم نفســـه وعصى ربه ونسي آخرته وغرته ُ دنياه .
يا ابن آدم : كم من مستدرج إليه , وكم من يُحسنُ القول فيه وهو ظالم ٌ لنفسه , وكم من هالك وأنا أسترُ عليه , وكم من مغرور بدوام عافيته ويكسب الآثام , وإن الذين يكسبون الآثام سيجزون سعيرا ً.
يا ابن آدم : زارعوني أزارعكـــم وراعوني أراعيكم , وعاملوني أرحمكم , فإن عندي ما لعين ِ رأت ولا أذن سمعت , ولا خطر على قلب أحد من البشر , إن عندي ما لا تنفذ خزائنه , ولا تنقص مكائله , وأنا الكريمُ الوهاب والرب ُ الرحيم 0



الصحيفة الحادية عشرة :
يقول الله عز وجل : يا بني آدم : اذكروا نعمتي عليكم وأوفوا بعهدي أوفي بعهدكم وإياي فارهبون , واطلبـوا رضائي برضى المساكين , وارغبوا بمجالسة العلماء فرحمتي لا تفارقهم أبدا ً طرفة عين .
يا موسى اسمع ما أقول والحق أقول : إنه مـن تكبر على المساكين , أحشرته ُ يوم القيامة على وجهه في النار , ومن تواضع لوالديه رفعته في الدنيا والآخرة , ومن هتك سترأخيه المؤمن هتكت ُ ستره ُ سبعين مرة , ومن أحب مؤمنا ً في فقره , صافحته الملائكة في الدنيا والآخرة , وكان من الفائزين , وأنا أرحم الراحمين 0


الصحيفة الثانية عشرة : يقول الله عز وجل : يا بني آدم : أطيعوني بقدر حاجتكم إلي فإن صبركم على النار قليل , فاصبروا بقدر مسكنكم في القبور , فإنها بيوت أعمالكم , وانظروا إلى آجالكم المتأخرة وأرزاقكم الحاضرة وذنوبكم المستترة , فإن كل شيء هالك إلا وجهي , وإلي ترجعون ,
مسكين ٌ يا ابن آدم لو خفت من ناري كما تخاف الفقر لنجيت منه , وغنيت ُ من حيث لا تحتسب , ولو رغبت في الجنة كمـــا رغبت في الدنيا لسعدت في الدارين , ولو ذكرتموني كما ذكرتم بعضكم لبعض , لسلمت عليكم الملائكة بكرة ً وأصيلا , ولو أحسنتم إلـى الفقراء كما أحسنتم إلى الأغنياء , لأكرمتكم كرامة المرسلين , ولكن تميتون قلوبكم بحب الدنيا وزوالها قريب وحياتها منقطعة 0


الصحيفة الثالثة عشرة :
يقول الله عز وجل : يا بني آدم : كم من سراج قد أطفأه الريح , وكم من عالم قد أفسده العجب , وكم من غني قد أفسده غناه , وكم من فقير أفسده ُ الفقر , وكم من قوي أفسده ُ قواه , وكم من عالم أفسده ُ علمه , وعزتي وجلالي : لولا الشيوخ الرُكـع والشباب الخشع , والأطفال الرضع , والبهائم الرتع , لجعلت السماء من فوقكم نحاس , والأرض من تحتكم رصاص , والتراب رمــادا ً ولم أنزل من السماء عليكم قطرة , ولم أنبت لكم من الأرض نبتة خضرة , وأصببت ُ عليكم العذاب صبابا ً 0


الصحيفة الرابعة عشرة :
يقول الله عز وجل : يا بني آدم : دينك ولحمك ودمك اجعله حلالا ً, فإن أصلحت عملك أصلح الله لحمك ودمك فإن الجنة لا يدخلها حرام ولا شبه , ولا تكون كالمصباح يحرق ُ نفسه ويضيءُ على غيره , واخرج حب الدنيا من قلبك , فإني لا أجمع بين حبي وحب الدنيا أبدا ً , فترفقوا بحالكم , إن الرزق مقسوم , والحريص مذموم , ونعمه ُلا تدوم , واستقضائي بالمظالم شؤم ٌ , والأجل ُمحتومٌ والحق ُ معلوم ٌ , وخير الغنى القناعة , وخير الزاد التقوى , وخير ما أعطيت به العافية , وخير الحكمة خشية الله تعالى , وشر حديثـــك الكذب , وشر أفعالك النميمة , فقوموا أنفسكم , فليس الله بظلام ِ للعبيد 0


الصحيفة الخامسة عشرة : يقول الله عز وجل : يا بني آدم : ويا أهل الكتاب : لم تقولون ما لا تفعلون ولم لا تنتهوا عما عنه تنهــون ولم تأمرون بما لا تفعلون , ولم تجمعون ما لا تأكلون , فهل عندكم من الموت أمان , أم أتتكم براءة ٌ من النيران , أم تحققتم الفوز بالجنـان أم عندكم أمان من الرحمن , فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون . يا ابن آدم : أعلم أنك بدأت بهدم عمرك من يوم ولدتك أمـــــك . يا بني آدم : إن مثلكم في الدنيا وحلاوتها , كمثل الذباب في العسل كلما طلب اللذة هلك , فلا تكونوا كالحطب تحرقون أنفسكم إلى منافع الناس.


الصحيفة السادسة عشرة : يقول الله عز وجل : يا بني آدم : اعمل بما أمرتك به , وانتهي عما نهيتك عنه , أجعلك لا تموت أبـــدا ً أما إذا كان قولك مليحٌ وعملك قبيح ٌ فأنت رأس المنافقين , وإذا كان عملك بالرياء فأنت أهلك الهالكين , الذين يخادعون الله والذين آمنــوا ولا يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون .
يا ابن آدم : لا يدخلُ جنتي إلا من كان يتواضع لعظمتي , ويقطع النهار بذكري , ويكف ُ نفسه عن الشهوات . يا ابن آدم : ارض ِ الغريب بما تيسر , واكسي العريان , وواسي الفقير , وأكرم اليتيم , وكن له كالأب الشفوق , وكن للأرملـة كالزوج الشفوق , فمن كان بهذا الوصف , إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته 0


الصحيفة السابعة عشرة :
يقول الله عز وجل : يا بني آدم : تشكي وليس لغيري يُشكى , وتنساني وليس مثلي يستوجب ذلك , وإلى متى تكفر بنعمتي , وليس أنا بظلام للعبيد . أنتم تستخفون بكتابي , وأنا أكفيكم شر ما لا تطيقون , وإلى متى تجفوني ولم أجافيكم , وإلى متــى تجحدوني وليس لكم غيري طبيب , وهل يشفيكم إلا دوائي , فإلى متى تشكوني وتسخطوا بقضائي , وهو خير ٌ لكم وتقولون فعل دهــرنا كذا وكذا وتنسوني, وأنا الذي أرسلُ السماء عليكم مدرارا ً , فقلتم أسقانا المطر ُ ونجم ظهر كذا وكذا , وأنا الذي خلقت الحب والنوى وأنزلُ الغيث برحمتي قدرا ً مقدورا ً موزونا ً معدودا ًمقسوما ً .
يا بني آدم : إذا وجد أحدكم قوت ثلاثة أيام ولم يشكرني فقد استخف بنعمتـــي ومن منع الزكاة بماله فقد استخف بكتابي , وإذا كان وقت الصلاة ولم يتفرغ لعبادتي , فقد غفل عني , وكان عندئذ ِ من الغافلين عن ربه 0


الصحيفة الثامنة عشرة : يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : اصبر وتواضع أرفعك , واشكرني أزيدك , استغفرني أغفر لك وواصلني أرحمك , واطلب مني العافية بطول الصمت , واعلم أن السلامة بالوحدة , والخلاص في الورع , والزهد في التوبة , والعبادة في العــلم والغنى بالعمل والطاعة .
يا ابن آدم : كيف تطمع بالرجاء مع كثرة البخل , وكيف ترغب بالحكمة مع حب الثناء , وكيف ترغب بالسـعادة مع قلة العـــــــــلم 0


الصحيفة التاسعة عشرة :
يقول الله عز وجل : يا أيها الناس , لا عدة كالتدبير , ولا ورع كالكف عن الأذى , ولا نسب أرفع من الأدب ولا توبة إلا بالعمل , ولا عبادة إلا بالتوفيق , ولا زين أزين من العقل , ولا تجارة خيرٌ من العلم , ولا صلاة إلا بالخشوع , ولا ســعادة كالتوفيق , ولا نفاق أشد من الجهل .
يا ابن آدم : تفرغ لعبادتي أملأ قلبك غنىً وبدنك راحة , وإن غفلت عن ذكري أملأ قلبك فقرا ً وبدنك تعبا ً وصدرك هما ً وجسدك سقما ً .
يا ابن آدم : لو بصرت عيناك ما بقى من عمرك لزهدت في طول أملك .
يا ابن آدم : بعافيتي قويت على طاعتي , وبتوفيقي أديت فرائضي , وبرزقي قويت على معصيتي , وبفضلي عشت وبعافيتي تجملت , وأنت تنساني وتذكر غيـري ولا تناديني بشكري وحمدي 0


الصحيفة العشرون :
يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : الموت يكشف أسرارك , والقيامة تنظر أخبارك , والكتاب يهتك أستارك , وإذا أذنبت ذنبا ً صغيرا ً فلا تنظر إلى صغره , ولكن أنظر من عصيت , وإذا رزقت رزقا ً قليلا ًفلا تنظر إلى قلته , ولكن أنظر من رزقـك أيـاه ُ , وفضلك على من دونك , ولا تجمع عليك الذنوب , فلا تدري أي الذنوب أغضب عليك , وأمنعك رحمتي وأغلق أبواب السـماء عليك ومن دعائك , ولا تأمن مكري فإن مكري عليكم , أخفى من دبيب النمل على الصفاء في ليلة ظلماء .
يا بني آدم : هل عصيتمونـي وذكرتم غضبي , فها أتيتم المساكين من أموالكم , وهل أحسنتم لمن أساء إليكم , وهل غفرتم لمن ظلمكم , وهل واصلتم من قاطعكم , وهل أوفيتم لمن خانكم , وهل أدبتم أولادكم , وهل سألتم العلماء عن أمور دينكم.
يا ابن آدم : فإني لا أنظر إلى حسن صوركم , ولكني أنظـر إلى ما في قلوبكم , وأرضى عنكم بهذا الحال 0


الصحيفة الواحدة والعشرون :
يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : أنظر إلى نفسك ثم أنظر إلى جميع خلقي , فإن وجدت أحدا ً أعــز ُإليك من نفسك , فاصرف كرامتك إليه وإلا فأكرم نفسك بالتوبة والعمل الصالح , فإن كانت نفسك عزيزة ٌ عليك فلا تهلكها بالمعاصــي ولا تعرضها إلى عذاب النار .
يا أيها الذين آمنوا : اذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي أوثقكم به , وإذا قلتم سمعنا وأطعنا وأنتم لا تسمعون فاتقوا قبل يوم القيامة , ويوم الواقعة , ويوم التغابن , ويوم الحاقة , ويم كان مقداره خمسين ألف سنة ِ مما تعدون , ويوم لا ينطقـــون ولا يؤذن لهم فيعتذرون , ويوم الطامة , ويوم الصاخة , ويوما ً عبوسا ً قمطريرا ً, ويوما ً لا تملك نفسا ً لنفس شيئا ًوالأمر يومئذ لله. واتقوا يوم الديمومة , ويوم الزلزلة , واتقوا يوم مواقع الجبال وطول الاتكال وتعجيل الأدبال إذا شابت من هولها الولدان والأطفـــال ولا تكونوا كالذين قالوا ســمعنا وهم لا يسمعون 0


الصحيفة الثانية والعشرون :
يقول الله عز وجل : يا أيها الناس : اذكروا الله كثيرا ً وسبحوه ُبكرة ً وأصيلا ً, ياموسى يا ابن عمران :يا صاحب البنيان , اسمع كلامي أنا مالك ُ الدنيا وليس بيني وبينك ترجمان ٍ , فبشروا آكل الربا والعاق والديه بغضب الرحمن
يا ابن آدم : إذا وجدت قساوة ً في قلبك , وسقما ً في بدنك , وحرام ٌ في رزقك , ونقص ٌ في مالك , فاعلم أنك غير مأمول , يا ابن آدم لا يستقيم ُ لك قدر حتى تستحي مني , ولا تكون في عملك ترضي الشيطان وتغضب الرحمن.
يا ابن آدم : لا تنظر إلى عيوب النــاس وتنسى عيب نفسك , فتكون أرضيت الشيطان وأغضبت الرحمن .
يا ابن آدم : أمسك لسانك وإلا تهلك 0


الصحيفة الثالثة والعشرون :
يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : إن الشيطان لك عدو ٌ مبين , واعلموا أنه يوم تحشرون فيه أفواجــا ً وتقفوا بين يدي صفا ً صفا ً وتقرأون القرآن حرفا حرفا ً وتسألون عما تعلمون سرا ً وجهرا ًويساق المتقون إلى الجنة وفدا ً, ويحشــر المجرمون في جهنم زمرا ً, وكفى بكم وعدا ً, وأنا الله لا إله إلا أنا , ليس لي شبيه ولا عديل , ولا أحد سلطانه كسلطاني , وعزتي التي أنا فيها , كل من ظل على دعوتي صائما ً, فطرته على ألوان الكرامة , ومن ظل على طاعتي مستقيما ً, كان له شأن ٌ من شأني , ومن غض بصره ُ وحمد نفسه ُ عن ما نهيته نجيته من حر ناري , وأنا الرب ُ فاعرفوني , وأنا المنيع فاشكروني , وأنا الحافظ فاستحفظوني وأنا المقصود فاقصدوني , وأنا المعطي فاسألوني , وأنا المعبود فاعبدوني , ,انا عالم الأسرار فاحذروني .


الصحيفة الرابعة والعشرون :
يقول الله عز وجل : شهد الله أن ل أله إلا هو العزيز الحكيم , أن الدين عند الله الإسلام , ومن يبتغ غير الإسلام دينا ً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين , إن كل شيء هالك ٌ إلا وجهي لي الحكم ُ وإلي ترجعون , فأنا أهلك من عصاني , ومن آيس من رحمتي أهلكته ُ, ومن عرف الحق آمنته , ومن عرف الباطل وعرض عنه ُ فقد فاز , ومن عرف الله فأطاعـه فقد نجح , ومن عرف الشيطان وتركه ُ فقد سلم , ومن عرف الآخرة وطلبها وصل , وأنا أتكفل بالرزق فإهمامك لماذا , وإذا كان الخلف من الله فالبخل لماذا , وإذا كان الشيطان عدو لله فطاعته لماذا , وإذا كان كل شيء بقضائي وتقديري فالخوف لماذا , فلا تندموا عــلى ما فاتكم ,ولا تفرحوا بما أتاكم , إن الله لا يحب كل مختال فخور 0


الصحيفة الخامسة والعشرون :
يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : أكثر الزاد فإن الطريق بعيد ٌ , وجدد المركب فإن البحر عميـق ٌ ,اخلص العمل فإن الناقد بصير ٌ, وابعد عن النار واترك الفجار وأحبب الأبرار , إن الله لايضيع أجر المحسنين 0


الصحيفة السادسة والعشرون : يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : تعصوني وأنتم تجزعون من حر السموم , فإن جهنم سبع طبقات ٍ تأكل بعضها بعضا ً , وفي كل طبقة : فيها سبعون ألف وادي , وفي كل وادي , سبعون ألف شعب ٍ , وفي كل شعب ٍ , سبعون ألـف دار ٍ, وفي كل دار ٍ, سبعون ألف بئر ٍ, وفي كل بئر , سبعون ألف تابوت ٍ, وفي كل تابوت ٍ, سبعون ألف شجرة ٍ , وتحت كل شجرة ٍ سبعون ألف قيد ٍ من النار , ومع كل قيد سبعون ألف ثعبان ٍ, وطول كل ثعبان ٍألف ذراع ٍ, وفي جوف كل ثعبان ٍ بحرا ً من السم الأسود وعنده سبعون ألف عقرب ٍ ولكل عقرب ٍ منهم ألف ذنب ٍ, وكل ذنب ٍ ألف ذراع ٍ, وفي كل ذنب ٍ سبعون فقرة ٍ, وفي كل فقرة ٍ سبعون ألف رطل ٍمن السم الأحمر , وقوله تعالى : والطور وكتاب ٍ مسطور في رق ً منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور يا بني آدم : ما خلقت ُ كل هؤلاء إلا للعائق والديه وآكل الربا ولكل بخيل ٍ ونمام ٍ ومرائي ومانع الزكاة من ماله , ولكل مشك ٍ ومشرك ٍ وزاني وشارب الخمر , وظالم اليتيم , وآكل تعب الأجير , والقادر والقاذف والنائحة , وجامع مال الحرام والناسي القرآن , وكل فاجـر ومقامر ومؤذي الجيران , وتارك الصلاة , إلا من تاب وآمن وعمل صالحا ً أولئك يبدل ُ الله سيئاتهم حسنات ٍ, وكان الله غفورا ً رحيما ً فارحموا أنفسكم يا عبادي, فإن الأبدان ضعاف ٌ والسفر ُ بعيد ٌ , والحمل ثقيل ٌ والمنادي اسرافيل ُ عليه السلام , والنار للظالمين والقاضي رب ُ العالمين عز وجل , ويحذركم الله نفسه والله رؤوف رحيم 0


الصحيفة السابعة والعشرون : يقول الله عز وجل : يا أيها الناس : كيف رغبتم بالدنيا وهي فانية ونعيمها زائل ٌ وحياتها منقطعـة ٌ وإثمها باق ٍ, وإن عندي لعبادي المطيعين الجنات في أبوابها الثمانية , أبوابها :
لكل باب جنة ٍ: سبعون ألف روضة ٍ, وفي كل روضة ٍ سبعين ألف مدينة ٍ من الزعفران والياقوت , وفي كل مدينة ٍ سبعون ألف قصر ٍ وفي كل قصر ٍسبعون ألف باب ٍمن الزبرجد , وفي كل دار سبعون ألف بيت ٍمن الذهب الأحمر , وفي كل بيت ٍسبعون ألف دكان ٍ على كل دكان سبعون ألف مائدة ٍ , وعلى كل مائدة ٍ ألف صحيفة من الجوهر , وفي كل صحيفة سبعون ألف لون من الطعام , وداخـل كل دكان ٍ سبعون ألف سرير ٍ , وفي كل سرير ٍ سبعون ألف فراش من الحرير والديباج والسندس والاستبرق , وجانب كل سرير ٍ ألف نهر ٍ من ماء الحياة , وداخل كل نهر ٍقبة ٌ من ماء الحياة واللبن والخمر والعسل المصفى , وفي كل قبة ٍ سبعون ألف خيمة ٍ من الأرجوان وفي كل خيمة ٍ سبعون ألف فراش ٍ, وعلى كل فراش ٍ حورية ٌ من حواري العين بين يديها سبعون ألف وصيفة ٍ , كأنها بيض ٌ مكنون ٌعلى رأس كل قصر من تلك القصور ألف قبة ٍ من الكافور , وفي كل قبة ٍ ألف هدية ٍ من الرحمن , وفيها ما لعين ٍ رأت ولا أذن ٍ سمعت ولا خطرت على قلب بشر , وفاكهة ٍ مما يتخيرون ولحم طير ٍ مما يشتهون وحور عين ٍ كأمثال اللؤلؤ المكنون , جزاء ً بمـا كانوا يعملون , ولا يمتون فيها ولا يهرمون ولا يجزعون ولا يتعبون ولا يضلون ولا يمرضون ولا يسقمون ولا يمسهم فيها نصب ٍ وما هم عنها بمخرجين , فمن طلب رضائي ودار كرامتي فليقرب إلي بالصدق والاستهانة في الدنيا والقناعة بالقليل من الرزق 0



الصحيفة الثامنة والعشرون : يقول الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا أتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون , واعلمــوا إن العلم بلا عمل كمثل الشجرة بلا ثمر , ومثل ُ العمل بلا علم كمثل زارع الملح على الصفاء , ومثل ُ العلم بلا عمل كمثل البنيان بلا أساس , ومثل العلم عند الحمقاء كمثل الدر والياقوت عند البهائم , ومثل القلب القاسي كمثل الحجر الثابت في الماء لا يلين , والقلـب القاسي كذلك لا يلين ُ بالموعظة , والموعظة عند من لمك يرغب ُ كمثل من يعمل الطعام عند أهل القبور , والصدقة ُ من مال الحرام كمثل من يغسل القاذورات بالبول , والصلاة بلا زكاة كمثل الجنة بلا روح , ومثل العمل بلا توبة كمثل البنيان بلا أســــــاس فلا يأمن مكر الله إلا القوم الظالمـــــون 0


الصحيفة التاسعة والعشرون :
يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : المال ُ مالي وأنت عبدي ليس لك من مالي إلا ما أكلت فأيقنت وإن لبست فأبليت وإن تصدقت فأبقيت ومهما ذخرت فحقك منه .
يا ابن آدم : إنما أنت ثلاثة أقسام ٍ : فواحدة لي وواحدة ٌ لك وواحدة ٌ بيني وبينـــك, فمنك الدعاء ومني الإجابة , فلا تحجب دعاك عني بأكل الحرام .
يا ابن آدم : إذا كان كذا فلا تدخل النار 0 بالتكبر والتجبر على خلقـــي والعمل بالمعصية والعلماء بالحسد والقراءة بالغفلة والتجارة بالخيانة , فأين من يطلب الجنة بخير العمل 0


الصحيفة الثلاثون : يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : أخرج حب الدنيا من قلبك فإني لا أجمع بين حبي وحب الدنيا في قلب واحــــد.
يا ابن آدم : تورع في معرفتك وخلص من الرياء عملك , وتفرغ لذكري أذكرك عند ملائكتي ,
يا ابن آدم إلى متى تقول ُ في قلبك وشغـلك وهمك غير الله ولا خفت الله ولا استغفرت الله , فإن الاستغفار مع الإصرار توبة المذنبين , وما ربك بظلام للعبيد 0


الصحيفة الواحدة والثلاثون : يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : بادر بعملك إلى آخرتك , واعلم أن رزقك في الدنيا لا يأكله أحد ٌ غيرك وأنا قسمت بينكم معيشتكم في الدنيا , ورفعت بعضكم فوق بعض درجات ٍ, إني أوحيت إلى الدنيا , يادنيا هوني على أوليائي حين لقــائي .
يا ابن آدم : اعلم أن الموت نازل بك وإن كرهت فاصبر لحكم ربك , وأنا أستر ُ عليك ذنوبك وأنا غني ٌ عنك , وأنت تبتغض إلي بالمعاصي وحاجتك إلي بالنوافل .
يا ابن آدم: إلى متى تعمر الدنيا وهي فانية ٌ وتخرب الآخرة وهي باقية ٌ .
يا ابن آدم: إلى كم تجالس العلماء والصالحين ولم تكن منهم.
يا ابن آدم : لو أن أهل السموات والأرض استغفروا لك , لكان ينبغي أن تبكي على ذنبك , لأنك لا تدري على أي حال ٍتلقاني .
ياموسى يا ابن عمران : اسمع ما أقول في الحق , لا يؤمن ُ بي عبد ٌ من عبادي حتى يأمنوا الناس من شره وظلمه وكيده ونميمته وبغيــه وحسده.
يا أيها الناس : من قصدني عرفني ومن عرفني زارني ومن زارني طلبني ومن طلبني وجدني ومن وجدني ذكرني ولم ينســاني , ومن لم ينساني ذكرنه ولم أنساه .
يا ابن آدم : إنك لم تخلص عملك حتى تموت أربع موتات ٍ : موت ٌ أحمر وموت ٌ أصفر وموت ٌ أبيض وموت ٌ أسود . فأما الموت ُ الأحمر فاحتمال الجفاء , وأما الموت الأبيض فطول الصمت , وأما الموت الأسود مخالفة الهوى , وإن الذيـن يصدون عن ســبيلي لهم عذاب ٌ شديد ٌ بما نسوا يوم الحساب.
يا موسى ابن عمران : قل الحق من ربك من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للكافرين نارا ً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء ٍ كالمهل يشوي الوجوه وبئس المآب وساءت مرتفقا 000


الصحيفة الثانية والثلاثون : يقول الله عز وجل : يا بني آدم : ملائكتي يتعاقبون الليل والنهار يكتبون ما تقول وتفعل , والأرض تشهد عليك بما تعمل , والسماء تشهد عليك بما يصعد إليها , والشمس والقمر يشهدان عليك بما يشاهدون منك , وكفى بالله شهيدا ً , وهو مطلع عليك , وعالم بخطرات قلبك , وما توسوس به نفسك .
يا ابن آدم: عما قليل أنت ميت ٌ وكفى بالموت شغلا ً .
يا ابن آدم: إن الحلال يأتيــك قطرة ٌ قطرة , والحرام يأتيك كالسيل , فمن صفا عيشه ُ صفا دينــــه.



الصحيفة الثالثة والثلاثون :
يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : أعلم أني لا أقبل من العمل إلا ما كان خالصا ً لوجهي فطوبى للمخلصين.
يا ابن آدم: إذا رأيت الفقر مقبلا ُ فقل يا مرحبا ً بشعائر الصالحين , وإذا رأيت الغنى مقبل ٌ فقل ذنب ٌ عجلت عقوبته ُ , وإذا رأيت الضيف قد حبس عنك فقل أعوذ ُ بالله من الشيطان الرجيم
يا بني آدم : المال مالي وأنت عبدي والضيف ُ رسولي , أما تخشى أن أسلبك نعمتــي
يا ابن آدم : الرزق رزقي والشكر لك ونفعه عائد ٌ إليك .
يا ابن آدم : ثلاثة واجبة عليك : زكاة ُ مالك وصلة ُ رحمك وعيالك وعزُ ضيفـك وإذا لم تفعل ما أوجبته عليك جعلتك نكالا ً للعالمين .
يا ابن آدم إذا لم ترع حق جارك كما ترعى حق عيالك , لم أنظر إليك ولا استجيـب ُ
دعاك ولم أقبل عليك .
يا ابن آدم: لاتنكل على مخلوق مثلك ولا تتكبر على خلقي , فإن أولك من نطفة ٍ أجريتها من مخرج البول من الصلب والترائب , ولا تنظر إلى ما أجريته ُ عليك , فإن الدود أول ما يأكل عينيك , واعلم أنك محاسب ٌ على النظرة واللحمة ِ واذكر مقامــــك غدا ً بين يدي , فإني لا أغفل عن سريرتك , وأنا عليم بذات الصدور 0


الصحيفة الرابعة والثلاثون :
يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : اخدمني فإني أحب من يخدمني واستخدم ُ له عبادي , فإنك لا تدري قدر ما عصيتني فيما مضى , ولا تدري قدر ما تعصيني فيما بقى , فلا تأمن مكري فإني فعال لما أريد .
يا ابن آدم : اعبدني فإنك عبد ٌ ذليـلٌ وأنا رب ُ جليل ٌ .
يا ابن آدم : لو أن أخوانك ومحبيك من بني آدم وجدوا رائحة ً من ذنوبك واضطلعوا على مثل ما أعلمه ُ لما جالســوك فكيف وهي كل يوم في زيادة ٍ وعمرك في نقصان ٍ منذ ولدتك أمك.
يا ابن آدم: ليس كل من انكسر مركبه وعاد على لوح من خشب قــد أحاط به الموج في البحر بأعظم منك , فكن من ذنوبك على حذر ٍ ومن عملك على يقين .
يا ابن آدم: إني أنظر إليك بالعافية , وأنا أســترُ عليك ذنوبك وأنا غني ٌ عنك 0


الصحيفة الخامسة والثلاثون : يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : أصبحت بين نقمتين لا تدري أيهما أعظم ُعندك , ذنوبك المســتورة ُ عن الناس أم الثناء الحسن ُ عليك , ولو علم ما أعلمه منك لما ســلموا عليك , وأعظم من ذلك العافية ُ وغناك عنهم وحاجتهم إليـــك وكف ُ أذاهم عنك , فاحمدني واعرف قدر نعمتي عليك , واخلص لي عملك من الرياء , وتزود كزاد المسافر الخائف واجعل خبزك تحـت عرشي.
يا ابن آدم: قلوبكم القاسية تبكي من أعمالكم , وأعمالكم تبكي من أبدانكم , وأبدانكم تبكي من ألسنتكم , وألسنتكم تبكي من أعيالكـم .
يا بني آدم : خزائني لا تنفذ أبدا ً وبقدر ما تنفقون أنفق عليكم على المساكين مما رزقتكم , وظنكم وخوفكم وعدم يقينكم بي , لأنني جعـلت أصل خلقتكم الاهتمام ُ بالرزق ورزقتكم فأنفقوا ولا تبخلوا برزقي على عبادي , وقد ضمنت لكم الخلف ووعدتكم بالأجر , فلم تشــكوا بكتابي ولم تصدقوا بوعدي , ولم تصدقوا أنبيائي , فمن كذب أنبيائي فقد جحد ربوبيتي ومن جحد ربوبيتي أكببته ُبالنار على وجهه 0


الصحيفة السادسة والثلاثون : يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : ضع يدك على صدرك فما أحببته لنفسك فأحببه لغيرك ,
يا ابن آدم : جسدك ضعيف ٌ ولسانك خفيف ٌ وقلبك جبار ٌ.
يا ابن آدم غايتك الموت فاعمل قبل أن يأتيك , واعلم أني لم أخلق عضوٌ من أعضائك حتى خلقت له رزق ٌ 0
يا ابن آدم : لو خلقتك أعمى لتحسرت على النظر , ولو خلقتك أصم ٌ لتحسرت على السمع , فاعرف قدر نعمتي عليك واشكرني ولا تكفر بي وإلي المصير 0
يا ابن آدم: كل ٌ ما أقسمته ٌ لك فلا تتعب في طلبه فهو يطلبك حتى تستوفيه .
يا ابن أدم: لا تطالبني برزق غد ٍ فإني لم أطالبك في حساب ٍ .
يا ابن آدم : رضيت منك بالعمل القليل وأنت لا ترضى مني بالرزق الكثير .
يا ابن آدم: لو تركت الدنيا لأحد ٍ لتركتها لأنبيائي حتى تدعو إلى طاعتي وإقامة أمري .
يا ابن آدم: اعمل لنفسك قبل نزول الموت بك , ولا تغرك الخطيئـــة فإن على أثرها السفر ُ ولا تلهيك الحياة الدنيا وطول الأمل عن التوبة , فإنك تندم على تأخيرها حتى لا ينفعك الندم
يا ابن آدم : إذا لم تخرج حقي من مالي الذي رزقتك إياه ُ , ومنعت منه ُ الفقراء حقوقهم إلا وسلطت ُ عليك جبارا ً يأخذه منك رغما ً عنك.
يا بني آدم: إذا أردتم رحمتي فا لزموا طاعتي , وإذا خشيتم عذابي فا حذروا معصيتي .
يا ابن آدم: إذا عرضت لك الدنيا فاذكر الموت , وإذا هممــت بالذنوب فاذكر العذاب , وإذا كسبت المال فاذكر الجائع , وإذا دعتك نفسك على المقدرة فاذكر قدرة الله عليك , الذي سلطك عليــــه ولو شاء لسلطه ُ عليك , وإذا نزل بك بلاء ٌ فاستعذ بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , وإذا مرضت فعالج نفسك بالصدقة , وإذا أصابتك مصيبة ٌ فقل : إنا لله وإنا إليه راجعون 0


الصحيفة السابعة والثلاثون :
يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : لا تفرح بالغنا فلست مخلدا ً بالمال , واصبر على طاعتي فإني أعينك على الشدة , ولا تجزع من الفقر فليس هو حتم ٌ يدوم , ولا تقنط من رحمة الله فإن الله غفور ٌ رحيم , ولا تفرح بالغني فإن الغني عزيز ٌفي الدنيا ذليلٌ في الآخرة , أجل من عز الدنيا وأعظمها فقد كره الآخرة .
واعلم يا ابن آدم : أن الاستغفار منك ومني المغفرة ومنك التوبة ومني القبول , ومنك الشكرٌ ومني المزيد , ومنك الصبر وعلي النصرُ , ومنك الدعاءُ ومني الإجابة ُ , فاطلب العلم تهدى إلى طريق الجنة.
يا موسى ابن عمران : إذا كان الغالب ُ على قلب عبدي الاشتغال في الدنيا أشغلت قلبه بالفقر وأنسيته ُ وأبلي ُ بجمع المال , وإذا كان الغالب ُعلى قلب عبدي الاشتغال بالآخرة , جعلت همته ُ عبادتي واستخدمت له عبادي وبلوت قلبه بحبي وأيدته بالعافية وأرحم ُ سعيه ُ 0


الصحيفة الثامنة والثلاثون : يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : صبرك قليل ٌ من المعصية , أيسر ُ عليك من صبرك على النار في نار جهنم إن عذابها كان غراما , وصبركم يا بني آدم عن قليل من طاعتي يغنيكم راحة ً طويلة ً ولكم فيها نعيما ًمقيما ً .
يا ابن آدم عليـــك بالتقوى فما ظلمتك , فلست أطعم رزقك لغيرك وأزهد ُ فيك , وقبل أن تغني حسناتك وتخلص من التبعات , قبل يوم القيامة , وقبل يـوم الحساب , وعمر قلبك بذكر الآخرة , فليس لك مسكنا ً إلا في القبور .
يا بني آدم : من أشتاق إلى الجنة سعى إلى الخير , ومــن خاف العذاب كف عن الشر ونهى نفسه عن الهوى والشهوات , ونال الدرجة العليا .
يا ابن عمران : إذا أصابتك مصيبة ٌ وأنت على غير طهارة ٍ فلا تلوم ُ إلا نفسك .
يا موسى بن عمران : إن الفقير من الحسنات هو الموت الأكبر ُ.
يا موسى من لم يشاور يندم ومن استشار لا يندم 0


الصحيفة التاسعة والثلاثون :
يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : أنا الله ُ لا إله إلا أنا , فاعبدني واشــكرني ولا تكفر بي ,
يا ابن آدم من عادى لي وليـــا ً فقد بارزني بالمحاربــــــة واشــتد غضبي عليــــه , ومن رضي بما أقســـمت ُ له ُأبــارك لــه ُ في رزقــه ِ وآتيــه الدنيا راغمــة ً وإن كان لا يراهـــــــــا 0

الصحيفة الأربعون :
يقول الله عز وجل : يا ابن آدم : أفعل الخير فإنه مفتاح ُ الجنة ويعود إليها , واجتنب الشر فإنه مفتاح ُ النار ويعود ُإليها .
يا ابن آدم : اعلم أن ما بنيته للخراب وأن جسدك للتراب وأن ما جمعته للورثة فالنعيم لغيرك والحساب ُ عليك والعقاب يعمــــك ولا صاحب لك في القبر إلا العمل الصالح , فا لزم طاعتي واحذر معصيتي , وارضى بما أتيتك وكن من الشاكرين .
يا ابن آدم من أذنـب ذنبا ً وهو ضاحك أدخلته النار وهو باكي , ومن دخل علي باك ٍ من خشيتي أدخلته الجنة وهو ضاحك .
يا ابن آدم : كم من غني يتمنى الفقر يوم حسابه , وكم من جبار ٍ أذله الموت ُ , وكم من فرحة ٍ أورثت حزنا ً طويلا ً , وكم من حلو ٍ أمر الموت ُ وكم من نعمة ٍ كدرها عليــه الموت ُ , يا بني آدم : لو تعلم ُ البهائم ُ ما تعلمون من الموت ِ لا امتنعت عن الأكل والشرب حتى تموت جوعا ً وعطشا ُ.
يا ابن آدم: لو لـم يقدر عليك الموت ُوشدته ُ , لكان يجب عليك أن لا تهدأ بالليل ولا تقر بالنهار .
يا ابن آدم : ما آتيتك من دنياك فلا تفرح به , وما فاتـــك منها فلا تيأس عليه ,
يا ابن آدم: من التراب خلقتك وإلى التراب تعود ومن التراب أبعثك , فودع الدنيا وتهيأ للموت.
يا ابن آدم : أنا الـذي خلقتك وأنا الذي أحييتك وأنا الذي أميتك وأنا الذي أحاسبك وأنا الذي أرحمك , فإن عملت خيرا ً رأيته وإن عملت شرا ً رأيته.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق